لم يكن هناك بد من أن تفرض العقوبات الصارمة ضد أولئك الذين يبيحون لأنفسهم إيقاع الأذى بمن هم تحت ولايتهم من النساء والأطفال، مستغلين حق الولاية ورغبة الأسرة في الكتمان واللجوء إلى الستر لممارسة العنف ضد هؤلاء الذين قدر لهم أن يكونوا تحت ولاية من لا يخاف الله فيهم.
إن تشديد العقوبة الذي يصل إلى السجن وفرض الغرامات الباهظة وسحب الولاية، هو أقل ما ينبغي أن يواجه به أولئك الذين يفرطون في حق الولاية ويتعسفون في ممارسة العنف ضد أبنائهم وزوجاتهم ومن يمتلكون حق الولاية عليهم، ذلك أن هذه العقوبة لا تلحق بهم لما مارسوه من عنف فحسب، وإنما لخيانتهم للأمانة وعدم قيامهم بما يقتضيه حق الولاية من رعاية واهتمام.
لقد كان من الملفت في الآونة الأخيرة تزايد الحوادث المتصلة بضحايا العنف الأسري والتي بلغت حد قتل الأبناء وتعذيب الزوجات ومنع الحقوق وممارسة الإذلال والتعذيب الجسدي لأطفال ونساء لا حول لهم ولا قوة من قبل أشخاص كانوا هم المسؤولين عن توفير الأمن والسلامة لهم، وهو الأمر الذي شهدت عليه مجموعة من القضايا التي شغلت ولا زالت تشغل الدوائر القضائية ومكاتب المحاماة والادعاء العام، إضافة إلى جماعات حقوق الإنسان وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
والمتوجب الآن بث الوعي بالحقوق المكفولة لأولئك الذين يتعرضون للأذى والعنف بحيث لا يترددون في اللجوء إلى الجهات الأمنية عند إحساسهم بأي هدر لإنسانيتهم أو أي تعسف يمارس ضدهم، ودور التوعية بهذه الحقوق يقع على عاتق المدارس وأجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني كذلك، وبدون هذا الوعي ستظل حوادث العنف الأسري مستمرة في مجتمع تحضه ثقافته على الصبر وحب الستر واحتمال الأذى